مقالة لن تُكملَ قراءتها | سلسلة النباهة في عصر التفاهة

مُقدّمة المُترجم:

قد يسأل أحدهم: «ما الضرر من أن تعرف شركات التكنولوجيا تفضيلاتي وأن تعطيني إعلانات مُخصصة لي؟»، ولكن لو توقف الأمر على الإعلانات، لكان هينًا، إذ تتحكم شركات التقنية بكل ما تتطلع عليهِ من منشورات وصور وأخبار، فهي تراقب تحركاتك عبر الإنترنت باستخدام الملفات تعريف الارتباط (cookies)، وتتبع تفضيلاتك السياسية والإعلامية والأدبية وحتى الإباحية منها، وتُصمم لك تجربة تعمل على دفعك نحو هذه التفضيلات فقط، دون غيرها، وهو ما يجعلك تعيش في فقاعتك مهما كانت، فتزيد من تطرف من المتطرفين ومن انقسام المنقسمين وانعزال الانعزاليين، وهو ما دفع الناس للعيش فيما يعرف بالغرف الصدوية Echo Chambers، بحيث لا يرون ولا يسمعون إلى ارتداد أفكارهم، فيظنون أن العالم ملكهم، ولا يرون الاختلاف، ولا يستفيدون من التنوع الموجود.

ولا يتوقف الأمر هُنا، بل توظف شركات التكنولوجيا مثل فيسبوك وغوغل وتويتر وشبيهاتها أقوى خبراء الخوارزميات والبرمجة وعلم النفس لتجد نقاط ضعف البشر وطرق تقويض انتباههم وإخضاعه لتطبيقاتهم لتضمن قضاء الناس لأكبر وقتٍ ممكن عليها، فكلما قضيتَ وقتًا أكثر، ربحت هذه الشركات أكثر، وهم يستغلون بذلك أذكى العقول في ترويض البشر والتلاعب فيهم، وكما يستطيع الإنسان العادي التحكم في بعض الحيوانات وأن يقودها من اتساع الحقلِ إلى ضيق الحظيرة، بحكم تفوقه عقليًا عليها، تعمل هذه الشركات على المبدأ نفسهِ، فهي تقود البشر قطعانًا من اتساع العالم إلى ضيق الهاتف المحمول، فلم تعد مواقع التواصل الاجتماعي تحقق غايتها في التواصل الاجتماعي بقدر ما هي أدوات تضييعٍ للوقت (في غالب الأحيان)، بل وثقب أسود لإهدار قدرات وطاقات البشر حول العالم وتدمير وعيهم وقدرتهم على الفعل والحركة على أرض الواقع.

متابعة قراءة “مقالة لن تُكملَ قراءتها | سلسلة النباهة في عصر التفاهة”