عند الحديث عن التطور، فإن أول سؤال يتبادر إلى السّامع: “لماذا صارت وتيرة التطور مع البشر بطيئة، أم أنها توقفّت؟”. والإجابة ليست صعبة، فهذا حصل لسببين، أولهما “الإبهام المُعاكس”، الذي يتحرك بحرية وفي كل مكان، ويمكنه ملامسة باقي الأصابع في اليد من أولها وحتى آخرها، وهو ما أعطانا ميزة تطورية للإمساك بالأشياء والتعامل معها، بدءاً من الإنسان الأول في غابات السافانا العشبية، وحتى إنسان العصر الحديث مع الأجهزة الذكية. تخيّل كيف ستكون حياتك مع “آيفون” من دون الإبهام؟ السبب الثاني، هو تطور الوظيفة العقلية/ العقلانية عند البشر. وهذا، مع السبب الأول، جعل تطور الإنسان خارجه بدلاً من داخلهِ، فصرنا نصنع الملابس الشتوية بدلاً من الفرو، والأسلحة بدلاً من الأنياب والأظفار الحادّة والأكل عبر الزراعة والتخزين، بدلاً من الصيد الدائِم.
نُلاحِظ أن الإنسان، ومن لحظةِ وعيه بمكانه في الطبيعة، بدأ بالهرب من حقيقته أو من صفته “الحيوانية” في الطبيعة، ليضع نفسه في مكانٍ أعلى. فهو متفوق عليها قطعاً، لأنه يستطيع أن يروضها كلها، وما لا يروضه، يأكله، وما لا يأكله، يستخدمه في الألعاب. بقي صراع البشر مع مكانهم في الطبيعة ومع جسمهم موجوداً، وتطور مع مرّ الزمنْ. صارت هُناك الفلسفة التفوقية لاحقاً، وعقلية أن الإنسان بوظائفه الذهنية يتسامى على هذا الوجود، وأنه يسعى بتفوقه إلى تحقيق الخير والعدالة تصل للمثالية، ولكن العائق الوحيد، هو العقل الغريزي الحيواني نفسه.
في أحد أفلام جيمي نيوترون (2001)، يواجه جيمي نوعاً فضائياً متطوراً للدرجة التي دفعته إلى التخلي عن الوظائف البيولوجية لأجسادهم، ودمج أنفسهم في آلات (سايبورغ)، لتكون عندهم فقط الوظيفة العقلية هي الفعّالة من دون اللجوء إلى وظائف الجسد (الأكل/ الشرب/ قضاء الحاجة/ الجنس)، وهي رغبة بشرية “ترانسدنتالية”، ولكنها في الوقت نفسه، تخالف الغرائز الأساسية فينا. كيف سنتكاثر؟ ماذا عن المتعة الجنسية؟