جورج أورويل: أربعة دوافع للكتابة

مقالة من ترجمتي، ونُشرت لأول مرة في صحيفة العربي الجديد ضمن ملحق جِيل في شهر مارس 2017، وأترككم مع النص الآن:

عرفتُ بأني أريد أن أصبح كاتبًا في سنٍ مبكرة جدًا. ربّما من عمر الخامسة أو السادسة. وفي الفترة بين عمر السابعة عشرة والرابعة والعشرين، حاولت أن أترك الإيمان بهذه الفكرة وأن أترك الكتابة، وفعلت ذلك بإيماني بأني أفعل ما هو ضد طبيعتي الحقيقية، وبأني سأستقر لاحقًا وأتراجع وأبدأ كتابة الكتب.

كنت الابن المتوسط لعائلتي من بين ثلاثة أطفال؛ ولكن كانت هناك فجوة عمرية بين أخويّ الأكبر مني والأصغر مني تقدّر بخمس سنين. وبالكاد أتذكّر رؤيتي لوجهِ والدي قبل عمر الثامنة. كل هذه الأشياء ساهمت في جعلي أنمو وحيدًا.

مع مرور الوقت، جعلت سلوكياتي، غير المقبولة، مني طفلًا مغمورًا وغير ملاحظٍ في المدرسة. تطورت لدي مع مرور الوقت العادة التي يمتلكها أي طفل وحيد، ألا وهي عادة اختلاق القصص وإجراء المحادثات مع الأصدقاء المُتخيّلين. أعتقد بأنه ومنذ البداية كانت طموحاتي الأدبية مضطربة وممتلئة بالشعور بالوحدة والعزلة وتقليل القيمة. علمت أيضًا أن لدي ملكة الكلمات والقوة الكافية لمواجهة الحقائق غير السارة، وشعرت بأن هذين الشيئين قد أعطياني القدرة على خلق عالمٍ خاصٍ بي. عالم أستطيع أن أنتقم فيه لنفسي على إخفاقاتي وفشلي في الحياة اليومية العادية.

برغم كل هذا، فإن مجموعة النصوص التي كتبتها في سنوات طفولتي وصباي لم تتجاوز ست صفحات. كتبت أول قصيدة في حياتي عندما كان عمري أربع أو خمس سنوات؛ ولا يمكنني أن أتذكر أي شيء عن القصيدة الآن، إلا أنها كانت تتحدث عن نمرٍ لديه أسنان تشبه الكراسي. على الرغم من أنها كانت فكرة جيدة، إلا أنني أتصور أني قد سرقت الفكرة من قصيدة ويليام بليك “Tiger Tiger”.

متابعة قراءة “جورج أورويل: أربعة دوافع للكتابة”

الفلسطيني والهجرة | أسباب ودوافع!

الفلسطيني والهجرة

الهِجرة – أسباب ودوافع

يولد الإنسان باكيًا وحينها تقوم الأم بتدفئتهِ واطعامهِ لأنها تعلم أن هذه هي المُشكلة، وليس لأنه فقط مجرد مزعج يريد البكاء. تقوم الأم بمهمتها المنوطة بها بشكل صحيح لا بضرب الطفل لأجل أن يسكت. وهنا درس يجب تعلمهُ فالأم هنا قضت على المٌشكلة. قضت الأم على المرض لا على العَرَضْ. بعد أن ينمو الطفل في العالم العربي يبدأ حينها بالعيش داخل مُشكلة كبيرة، ولا يسعى أبدًا إلى حلها، وإنما إلى معالجة أعراضها وهنا مُشكلة أخرى تتولد. وهذه المُشكلة هو ترك المشكلة كما هي والبحث عن مكان خال من المشاكل للبدء بهِ. وكذلك الأمر مع الهجرة مؤخرًا. الهِجرة ليستْ إلا نتيجة. من يقول أن الهجرة مُشكلة يكون مرة أخرى مُخطئًا حيث يبدأ بتوجيه اللوم للعَرَضْ مُجددًا. فكما نرى حينما يُصاب الإنسان بمرض ما أو حينما تُكسر ذراعه. فنحن لا نقول بأن يده هي المشكلة. أو أن العظم هو سبب الكسر. لأن الكسر هنا ما هو إلا نتيجة مشكلة أخرى وهي عدم الاهتمام بالصحة مَثلًا.

نعود للهجرة والفلسطيني.

الفلسطيني إنسان يولد مع جدول الكهرباء مطبوع في رأسهِ. يولدُ مكتوب على جبينهِ – بائس –. فقد ولدَ في الانتفاضة الأولى وما كاد أن يكبرَ قليلًا حتى أصبح أسيرًا، ولكنه حين خرجَ من سجنهِ لم يجد أي داع للحياة حيث القادة وغباءهم قد أفسدوا كل شيء. حتى وان علم هو حل المُشكلة فلن يتم استخدام حلولهُ فالكُل مُستفيد من بقاء المشكلة إلا الشعب. تزوج هذا الفلسطيني وهو يعمل بكد وقد كان زواجه بالديْن. لم يصبح عُمر ابنهُ العاشرة حتى قامت أيدي الانقسام بقتلهِ ربما عن طريق الخطأ. وما كاد أن ينتهي الانقسام حتى خسر زوجته وباقي أولاده في الحرب الأولى. لكنه يكابر ويصمد لأجل الوطن. قرر أن يتزوج من جديد ويبني من جديد. كان قد أتم البناء ومُستعد 100% للزواج الجديد وبدء حياة جديدة لكن الحرب الثانية لم تسمح له حيث تم قصف بيته الجديد وخطيبته قد استشهدت. لكنهُ كذلك قرر الصمود لأن شعبه – انتصر – في هذه الحرب. يُكابر على جرحهِ مُجددًا. يُقرر أن يبدأ من جديد مرة أخرى. ولكن الانقلاب الأخير في مصر لم يسمح له. لأنه أعاد الفلسطينيين إلا ما قبل نقطة الصفر. فقدنا نقطة الانطلاق.

لكنه يُكابر ويتحمل لأجل الوطن (أي وطن؟!). يسأل نفسهُ: (أعطيتُ وطني كل شيء. أحببت وطني أكبر من كُل شيء. أملتُ في وطني كثيرًا لكنه لا يتردد في إمنائي خيبة بعد خيبة. وخسارة بعد خسارة. هل تراها التضحية قليلة بعد؟! أم أن الوطن لسنا مثلما نعتقد؟! ربما لا يريد الوطن التضحية بقدرِ ما يريد أن يصلح من يمثلونهُ؟!). ينتهي التساؤل ولا سبيل فيعود إلى دوامة أفكارهِ.

متابعة قراءة “الفلسطيني والهجرة | أسباب ودوافع!”