دولةٌ صهيونية بأي ثمن: إرث بن غوريون في تأسيس دولة الفصل العنصري



مُقدّمة المُترجِم

في البداية وعند اختيار المادة، كان المخطط أن يكون العمل عليها ترجمة حصرًا، ولكن كمية المعلومات فيها والإحالات إلى خارجها دفعتني للجوء إلى مراجع أخرى، طبعًا بالاعتماد على المادة الإنجليزية مرجعًا أساسيًا. يحاول صامويل فاربر عبر القراءة النقدية لكتاب توم سيغف[1] أن يضع يده على النقاط المحورية في حياة ديڤيد بن غوريون والتي جعلت من إسرائيل الدولة القائمة اليوم، فيتحدث تحت سبعة عناوين رئيسة، كيف أنّ حلم إنقاذ اليهود من الظلم والاضطهاد في العالم الغربيّ، جعل الصهاينة، يسعون إلى بناء دولة في فلسطين، حتى لو عنى ذلك ممارسة الاضطهاد نفسه على قوميات أو عرقيات أخرى، وهنا لا تكون الصهيونية ضحية، بل هي فاعل مُجرم، يستخدم الأدوات نفسها والنظرة الاستشراقية الغربية في التعامل مع السكان الأصليين، ويركّز الكاتب على الترجمة لحياة بن غوريون في الربط بين تعامل الصهاينة الاستعماري وتعامل القوى الاستعمارية الكُبرى في أميركا الشمالية مثلًا مع السكان الأصليين هناك، ومع المكسيكيين لاحقًا، ومع الأفارقة الأميركان أيضًا. تجدر الإشارة هنا، أنّ المحتوى الموجود في هذه المادة والاستعانة بالمراجع الفرعية كان لضرورة شرح وتوضيح المعلومات في المرجع الأساسي، وبالتالي، فإن عمل المترجم على المادة ونشرها لا يعني بالضرورة (أو البتة) الموافقة على ما وردَ فيها، وإنما مُساهمة فِي نشر ما يكتبه رواد حركة المؤرخين الجدد حول العالم فيما يتعلق بالصهيونية ودولة الاستعمار الاستيطاني «إسرائيل».


كان ديڤيد بن غوريون (1886 – 1973) رمزًا رئيساً في إنشاء وبناء دولة إسرائيل، ويأتي ثانيًا من حيث الأهمية بعد ثيودور هرتزل[2]، مؤسّس الصهيونية الحديثة. يعد دور بن غوريون محوريًا في ترسيخ الصهيونية بوصفها أيديولوجيا وسياسة مُهيمنة لليهود فِي كل مكان. كان رئيس الوزراء الأول لإسرائيل منذ تأسيسها في عام 1948، إلى أن تقاعد عن العمل السياسي في عام 1963 (مع فجوة زمانية بين 1953 – 1955).

نجد إنّ البن غوريون في كتاب توم سيغف متفردًا في القرار ومهووسًا بإنشاء دولة لليهود في فلسطين. وكما يشير سيغف، لم يكن بن غوريون مُفكرًا مهتمًا بتطوير النظرية الصهيونية ولكنه سياسي عديم الرحمة ورجل مؤسسة مُستعد للمخاطرة بكل شيء لتحقيق هدفه في بناء الدولة.

سَعى دائمًا لتحقيق هدفه دون توقف، حتى لو كان الأمر على حساب أراوح بعض اليهود، فما بالك بالفلسطينيين؟ يقتبس سيغف من كلام بن غوريون لأعضاء حزب ماپاي (حزب عمال أرض إسرائيل[3]) في أواخر الثلاثينيات: «لو علمتُ أن بإمكاني إنقاذَ كل أطفال اليهود في ألمانيا عبر نقلهم إلى إنجلترا، أو أن بإمكاني إنقاذ نصفهم عبر نقلهم إلى فلسطين، فسأرجح كفة الخيار الثاني».

يُقدّم توم سيغف صورة شاملة وغنية لتاريخ الصهيونية وتاريخ تشكيل دولة إسرائيل، متحدّيًا بذلك الأساطير المؤسّسة لإسرائيل عبر الغوص في الترجمة غير الذاتية لأحد أهم مؤسسيها وقادتها السياسيين وعصرهِ وأيامهِ. تتعرض ترجمة سيغف النقدية لعدد من أهم مشاكل الصهيونية منذ بدايتها. يرتبط تأسيس دولة إسرائيل ارتباطًا وثيقًا بديڤيد بن غوريون، وبالتالي، وعبر استكشاف حياتهِ، سوف نرى بوضوح كيف أن إنشاء دولة إسرائيل كان منذ البداية غير متوافقٍ مع فكرة وجود دولة ديموقراطية ثنائية القومية لليهود والفلسطينيين، وأن مشروع بناء الدولة الإسرائيلية كان محكومًا من بدايتهِ بتحويل «إسرائيل» إلى دولة مُضْطهِدة (تُمارس الاضطهاد والقمع).

سِياسات ومُمارسات بُن غوريون الصّهيونية

وفقًا لسيغف، فإن بن غوريون (اسمه عند الولادة: ديڤيد يوسف غروين) كان صهيونيًا منذ طفولتهِ. ولد في مدينة بلونسك في بولندا، حيث بلغ عدد سكان المدينة 8000 نسمة، بحضور يهودي قويّ. ترعرع بن غوريون في عائلة يهودية من الطبقة الوسطى. كان والده مُساعدًا قانونيًا مُستقلًا ومن أوائل الناشطين في الحركة الصهيونية الناشئة في بولندا.

اتجه بن غوريون إلى فلسطين عام 1906 عن عمر يناهز العشرين، ولكنه لم يكن مستعدً للعمل في الأرض، فغادرها للدراسة في إسطنبول، ولكنه لم يتخرج، ولم يحصل طيلة حياته على أية شهادة جامعية، ما صنع عنده عقد نقص أثّرت عليه. كان يزور بولندا بشكل دوريّ، ومع بداية الحرب العالمية الأولى انتهى بهِ الحال في الولايات المتحدّة الأميركية. في كل مكان زاره، كان ينخرط في العمل السياسي المنظم بهدف إنشاء دولة يهودية، واستقر بهِ الحال في فلسطين في بداية عشرينيات القرن الماضي حيث برز وقتها بدورهِ قائدًا مميزًا للهستدروت[4]، الاتحاد الصهيوني الذي صار لاحقًا واحدًا من أضخم المؤسسات الاقتصادية الصهيونية.

يكتب سيغف بأن بن غوريون يعتبر نفسه في السياق الصهيونيّ اشتراكيًا من نوعٍ ما، وهذا لسعيه بناء دولة رفاهية توفر الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة لليهود. ومثله ومثل العديد من معاصريهِ اليهود، تأثر بالثورة الروسية/البلشفية. يكتب سيغف بأن بن غوريون كان يشير في كثير من الأحيان إلى حضوره احتفال الذكرى السادسة للثورة الروسية في الميدان الأحمر في موسكو بتاريخ 7 نوفمبر 1923 ممثلًا للهستدروت.

وكما عبّر الثوّار الروس في أوائل القرن العشرين عن عدم اعتقادهم بقدرة البرجوازية الروسية على قيادة النضال للإطاحة بالنظام القيصري وبناء جمهورية ديموقراطية، احتفظ بن غوريون وعدد من الرواد الصهاينة بهذا النوع من الاشتراكية وبأن البرجوازية اليهودية والمدفوعة بالمصالح الشخصية والخاصة، لن تكون قادرة ولا يمكن الثقة فيها لبناء دولة يهودية قوية في فلسطين، على الأقل بالشكل الذي كان يتخيله.

ومع ذلك، وكما قال زئيف ستيرنهيل[5] في كتابه «الأساطير المؤسّسة لإسرائيل The Founding Myths of Israel» فإن بن غوريون كان قومويًا استخدم الاشتراكية بوصفها استراتيجية من أجل التعبئة وبناء الدولة. لم يكن إعجاب بن غوريون بلينين ينبع من سياسته الثورية القوية، وإنما إصرارهِ وإرادته الحديدية في السعي لتحقيق أهدافه السياسية (كان مُعجبًا بتشرشل أيضًا).

بصفته «وسطيًا» ملتزمًا في الحركة الصهيونية، قاتل بن غوريون بضراوة في بولندا ضد أفكار الجبهة اليهودية العامة[6] وهي الحركة العمالية الاشتراكية اليهودية العلمانية، وضد الشيوعيين والصهيونيين اليساريين وكذلك ضد جابوتنسكي[7] وبيغن[8] (المراجعين اليمينيين في فلسطين). كتب سيغف بأنه حاربهم بصفته الفاعل السياسي الشرس والذي كان جاهزًا للقضاء على كل من اعتبره غير مرغوبٍ فيه سياسيًا، وهو ما حدا بسيغف لوصفه بأنه «بلشفي صهيوني غير شيوعي».

كان بن غوريون صداميًا ونافد الصبر فيما يتعلق بالاختلاف مع شركائه السياسيين، أحيانًا لتفوقه عليهم، وأحيانًا لفقدانه السيطرة على نفسه. «طريقته في الحديث بكل بساطة ليست إنسانية» يقتبس سيغف هنا الكلام عن موشيه شاريت[9]، أحد رؤساء الوزراء الإسرائيليين، والعضو القيادي لحكومة بن غوريون. «إذا وافقته في كلامه 80%، واختلفت معه 20%، أو إذا اتفقت معه في النقاط الرئيسة واختلفت معه في النقاط الفرعية، أو حتى إذا اتفقت معه كُليًا مع اختلاف بسيط على التفاصيل، فتجده لحظتها يُركّز غضبه على تلك العشرين بالمئة أو تلك النقاط الفرعية أو التفاصيل الصغيرة التي اختلفت معه عليها، ويتصعّد الجدال معه بسرعة كما لو أن الاختلاف كان 100%. لا يمكنك أن تتحدث بجملة كاملة وأنت في حوارٍ معه. فهو يقاطعك على الدوام، ويصب جام غضبه على الكلمات التي لا تعجبه، وتجده يستعر ويلتهب».

ومثله مثل غيره من الصهاينة، كان مفهوم الصهيونية عند بن غوريون مبنيًا على اعتقاد جازم بأن «معاداة الساميّة» ميزة حتمية وغريزية مرتبطة بالإنسان، وأن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو إنشاء دولة يهودية في فلسطين. تمسّك بن غوريون بتلك الفكرة طوال حياته، ولم يسمح إلا باستثناء واحد: الولايات المتحدة. من الجدير بالذكر، أنه وعلى الرغم من عدم استكشاف سيغف لهذه المسألة، تمسك بن غوريون بهذا المفهوم، وعلى الرغم من أنه وقبل الحرب العالمية الثانية، كانت معاداة السامية واسعة الانتشار داخل الولايات المتحدة.

وعندما شهدت معاداة السامية انخفاضًا كبيرًا  بعد نهاية الحرب، تجاهل بن غوريون الموضوع مرة أخرى، لأن انتباهه له سيجبره على النظر في الدور الذي أدّته ظروف ما بعد الحرب الاجتماعية والاقتصادية لليهود الأمريكيين على صورة اليهود بشكل عام في المُجتمعات. يتسق هذه الاستخفاف التاريخي بالحقائق مع وجهة نظر بن غوريون الصهيونية لمفهوم معاداة السامية على أنه جزء من «الطبيعة الإنسانية».

ما يلاحظه سيغف على النقيض، هو أن معاداة السامية كانت لبن غوريون، وكما كانت من قبله لهرتزل، حليفًا عظيمًا للصهيونية، فكل مظهر من مظاهر المعاداة، يُعدّ دافعًا لعربة الصهيونية للأمام أكثر. هذا لا يعني أن قادة الصهيونية شجعوا على معاداة السامية، وإنما يعني وجود درجة من التسليم لها بكونها حتمية وإرادة واعية مُتكررة للتفاوض مع المفهوم بهدف تحقيق المصالح مع معادي السامية، إذا ارتأى طبعًا بن غوريون والقادة الصهيونيون أن هذا التفاوض والتعامل سيخدم المشروع الصهيوني.

كان بن غوريون مع التوسّع الإقليمي للدولة اليهودية، وهذا ينطبق مع تفكيره بوصفهِ صهيونيًا متشددًا. ففي المؤتمر الصهيوني في زيورخ عام 1937، أعلن: «حقنا بفلسطين، كل فلسطين، حقّ أبدي، ولا يمكن الشك فيك»، وعرّف عن نفسه بأنه «مدافع مُتحمّس لدولة يهودية على الحدود التاريخية لأرض إسرائيل». وعليهِ، وحسب كتاب سيغف فإن مقترح إسرائيل للتوسع الإقليمي بعد الخط الأخضر (ترسيم حدود إسرائيل قبل حرب 1967) لم يكن مقامرة للمراجعين اليمنيين، وإنما مقترح مشترك بين اليمين واليسار الصهيوني، ومن ضمنهم بن غوريون. نستنتج من ذلك أن سمعة بن غوريون على أنه «ليبرالي» صهيوني تقوم بشكل كبير على براغماتيته أكثر من استنادها على اليمين الأكثر تشددًا بقيادة جابوتنسكي وبيغن، وتستند على دولة الرفاهية التي أنشأها وعلى علمانيته، إذ لم تمنعه اعتقاداته العلمانية من تقديم تنازلات كبيرة لليهود المتدينين في وقت كانوا فيه أضعف بكثير من اليوم.

وفيما يخص وجهات نظر بن غوريون التوسعية، يُقدّم سيغف رواية مُفصّلة من عام 1954 توضح كيف أعدت دائرة التخطيط في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي تحت حكم بن غوريون لحزب الماپاي ، دراسة بعنوان «نيڤو»، تؤكد حاجة الدولة إلى توسيع حدود الخط الأخضر لأسباب اقتصادية واجتماعية وديمغرافية متنوعة وتقديم العديد من البدائل لهذا التوسع. تضمن هذا المقترح الطموح للغاية إرجاع حدود مِصر حتى نهاية صحراء سيناء ويفضّل حتى ضفة قناة السويس، وأخذ أجزاء من السعودية جنوبًا، وإن أمكن، السماح لإسرائيل بالتحكم بحقول النفط العربية، وأخذ أراضٍ من سوريا، ورسم الحدود مع الأردن في أقصى الشرق من نهر الأردن، وهو اقتراح كان من شأنه أن يجعل دولة إسرائيل أكبر بكثير مما هي عليه اليوم.

يوضّح مقترح «نيڤو» أنه وفي حين تحاول حكومة إسرائيل تبرير التوسع الإقليمي لأرضها -بدرجات متفاوتة- في أوقات الأزمات والحروب، فإننا نرى أن الحكومة نفسها قد أعدت هذه الخطط قبل اندلاع الأزمات بوقت طويل.

لا مُستقبل للتعايش

يُعلّق سيغف في الوقت نفسه بأن بن غوريون كان واقعيًا للغاية ويعرف تمام المعرفة أن الفلسطينيين، مثل اليهود الصهاينة، يريدون دولة في فلسطين أيضًا، وأنهم لن يستسلموا ويسلّموا أرضهم لليهود ببساطة. من وجهة نظر بن غوريون، لا يمكن أن يوجد أي مستقبلٍ يتعايش فيه العرب والإسرائيليون على نفس الأرض، ولهذا، كانت خطته أن تتوسع إسرائيل في أراضٍ يسكنها الحد الأدنى من العرب.  

وهذا طبعًا يُفسّر معارضته المبدئية في دخول إسرائيل بحرب عام 1967، لأن ذلك يعنى أن تحكم إسرائيل مناطقًا بأغلبية عربية، وبالتالي وجود معاداة عربية للمشروع الصهيوني. ولكن وحسبما يشير سيغف، فإن بن غوريون كان «مأخوذًا بنشوة الانتصارات والغزوات» وبدأ الدعوة إلى برنامج توسّعي واضح، لا سيما عندما طالب بالسيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة ونقل سكّانها إلى الضفة الغربية بمساعدة إسرائيلية وبموافقة الناس أنفسهم (على افتراض موافقتهم)، والمفاوضة مع أهل الضفة الغربية لبناء كيان مستقل (autonomous) يرتبط بإسرائيل اقتصاديًا مع منفذ بحري عبر موانئ إسرائيل، مع تأكيد وجود جنود إسرائيليين لـ «ضمان استقلال الضفة الغربية عن الأردن».

فكرة بن غوريون أعلاه عن «الحد الأدنى» من العرب، تُفسّر تمامًا، وفقًا لسيغف، الدور المركزي الذي أدّاه في طرد الفلسطينيين العرب من أراضيهم في حرب عام 1948. دمّر عمل سيغف وغيره من «المؤرخين الجدد» الإسرائيليين الأسطورة الصهيونية التي تقول إنه عشية إعلان قيام دولة إسرائيل، كان الفلسطينيون العرب قد تركوا بيوتهم ومدنهم وقراهم بإرادتهم الحُرة منفّذين بذلك نداءات وتحذيرات قاداتهم. طبعًا الفلسطينيون على دراية بمدى كذب هذه الأسطورة.

يبين سيغف أن مُعظم الفلسطينيين قد طُردوا من أراضيهم بقوة السلاح تحت وطأة هجمات الهاغاناه[10] (الجيش الإسرائيلي اليهودي)، أو أنهم خرجوا مرعوبين وخوفًا على حياتهم بعد سماعهم عن المجازر التي نفذتها القوات اليهودية في القرى والمدن الأخرى (مثل مجزرة دير ياسين). وتضمنت المجازر الجزء السفلي من مدينة حيفا، حيث «قصفت الهاغاناه الناس بالهاون من المنحدر العلوي لجبل الكرمل»، وتضمنت أيضًا تهجير الفلسطينيين بقوة سلاح الجيش الإسرائيلي من مدينة اللد[11]، وتهجير الفلسطينيين من قرية إقرت[12] المسيحية.

يُظهر سيغف موافقة بن غوريون على ما حصل بشكل عامٍ، وأنه أصر أيضًا على استئناف الأعمال العدائية خلال هدنة في حرب عام 1948، بوصفها فرصة «لتنظيف» الجليل من الـ 100,000 فلسطيني الذين لجأوا فيها.

وعلى الرغم من النزعة الحاسمة لدى الحركة الصهيونية بعدم التعامل مع وجود الفلسطينيين في فلسطين، إلا أنها كانت قد ناقشت بين الفينة والأخرى إمكانية نقل أو تحريك الفلسطينيين (خطة الترانسفير) خارج حدود الدولة اليهودية. في الأيام الأولى من يونيو 1895، قدم هرتزل مقترحًا يتماشى مع نظرته الدبلوماسية و«الواقعية السياسية»، ويقضي بنقل العرب «بسرية وحذر» خارج فلسطين. دعا القادة الصهاينة مثل أهارون زيسلينغ[13] في عام 1937 إلى نَقلٍ يقوم على «تبادل سكاني حقيقي» للفلسطينيين بيهود العراق والدول العربية الأخرى.

لم تناقش مثل هذه المقترحات طبيعة موقف الفلسطينيين أو لماذا ستكون لديهم الرغبة أو الحاجة لترك بلادهم طوعًا؟ الكثير من الصهاينة البارزين مثل غولدا مائير[14] وبيرل كاتزنيلسون[15]، لم يختلفوا من حيث المبدأ مع فكرة النقل، ولكنهم اعتبروها فكرة غير معقولة ولا يمكن تطبيقها.

سواء كان نقل العرب بالنسبة للقادة الصهاينة أمر عملي أو لا، فإن قلة مهم استبصرت احتمالية دفع تلك الفكرة إلى وجود دولة فصل عنصري مثل التي نراها اليوم في إسرائيل-فلسطين. أحد الاستثناءات كان الزعيم الصهيوني مناحيم أوشيشكين[16] الذي جادل صراحة في عام 1941 بأن أية محاولة لإنشاء دولة يهودية قبل وجود أغلبية يهودية في فلسطين ستؤدي إلى دولة فصل عنصري صهيوني.

أشار أوشيشكين إلى أن البيض في جنوب إفريقيا لم يشكلوا سوى 20% من السكان وأن الـ 80% المتبقين كانوا من السود الذين ليس لديهم حقوق على الإطلاق. تساءل أوشيشكين عما إذا كان يجب على الحركة الصهيونية الرضى بأن يشكل اليهود 20% من مجموع سكان فلسطين التي يحكمونها كاملة. لقد عارض كذلك دعوة بن غوريون لـ «إنشاء دولة يهودية كأولوية أولى ومنح حقوق متساوية للعرب ونقل أولئك الذين يوافقون طواعية»، بحجة أنها دعوة متناقضة وغير واقعية وحسب كلامهِ «دعوة مستحيلة».

أصر أوشيشكين أن أهداف الصهيونية يجب أن تتركز في المستقبل القريب على تنفيذ هجرة يهودية واسعة النطاق إلى فلسطين بدلًا من إنشاء دولة يهودية (كان أوشيشكين يضع جُل تركيزه على تجنب إمكانية ولادة نظام فصل عنصري مثل نظام جنوب إفريقيا لدرجة أنه لم يفكر أبدًا في أن اقتراحه قد يؤدي إلى دولة صهيونية مُضطهِدة تشبه النموذج الأمريكي للقوة البيضاء/الأسود والأبيض/السكان الأميركان الأصليين وعلاقات القوة).

يوثق سيغف أيضًا كيف أن صهيونية بن غوريون حالت دون أي لبس عن إمكانية تحويل إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية أو دولة حرة ومستقلة لفلسطين/إسرائيل أو لإسرائيل/فلسطين، على أساس التعايش بين شعبين متساويين، بحقوق وطنية وثقافية واستقلالية مكفولة لكليهما. يمكننا مراقبة حالة كندا متعددة الجنسيات (تضم الشعوب الأصلية والمهاجرين من أصول قومية مختلفة والعديد من الكنديين الناطقين بالفرنسية والإنجليزية)، لنعرف أن مثل هذه الدولة تتطلب عملية طويلة من النضال لضمان صيانة حقوق الجماعات الوطنية المضطهدة في الأفعال وكذلك في قوانين البلاد.

وجّه بن غوريون نقده اللاذع إلى الليبراليين اليهود الألمان الداعمين لثنائية القومية مثل مارتن بوبر[17]، إذ هاجمه من خلال التشكيك في ولائه لليهودية واتهامه بامتلاك عقلية خادم. بوصفه لثنائية القومية على أنها خيانة، حذر بن غوريون أنصارها من أن التوصل إلى «اتفاق مع العرب، يشبه دخولك في معسكرات اعتقال هتلر».

هدفت مقترحات الدولة ثنائية القومية إلى بناء جسر للعرب الفلسطينيين الذين يقاومون بعنف الهجرة الصهيونية إلى فلسطين والمتسمة بـ: سوء معاملة المستوطنين اليهود للعمالة العربية وشراء الأراضي الذي يؤدي إلى طرد المزارعين العرب المستأجرين من أرضهم (يدعي سيغف أنه أحيانًا دُفعت تعويضات لهم وأحيانًا لم يُدفع) والتهميش، إن لم يكن استبعاد العمالة العربية من سوق العمل في الزراعة والصناعة من خلال سياسات العمل الصهيونية التي تسعى إلى توظيف العمالة اليهودية فقط ومنع العرب القادرين من الحصول على عمل أو من الانضمام إلى الهستدروت حتى عام 1959، ومنعهم من التصويت في انتخاباته حتى عدة سنوات لاحقة.

كان بن غوريون يدعو منذ ثلاثينات القرن الماضي لسياسة «الدفاع العدواني عن النفس» لمحاربة المقاومة العربية الفلسطينية، والتي تشمل سياسة طرد العرب من فلسطين. على الرغم من أنه في مرحلة ما، في منصبه وزيرًا للدفاع، (تولاه بالتزامن مع منصبه رئيسًا للوزراء)، ذكر أنه في سعيه لتحقيق هدف السلام، كان على الحكومة الإسرائيلية «كسب قلوب العرب»، ولكنه أكّد وجود «طريقة واحدة فقط يمكننا من خلالها تعليمهم احترامنا. إذا لم نفجر القاهرة، سيعتقدون أنه بإمكانهم تفجير تل أبيب».

براغماتيّة بن غوريون

كان موقف بن غوريون الصهيوني غير المتنازل في تعامله مع القوى الدولية يتحول إلى موقف براغماتي غير صدامي ويهدف إلى الشد والتفاوض للحصول على ما يريد منهم. يكتب سيغف أن هذه البراغماتية سمحت لبن غوريون أن يكون صاحب أفق واسع وأن يقبل بالأرض الصغيرة التي أعطتها الأمم المتحدة لإسرائيل عام 1947 في قرار التقسيم (181).

وكانت الأرض، من وجهة نظر بن غوريون، حسب قرار التقسيم «نصف الرغيف» الذي يمكن أن يكبر وأن يزيد في المستقبل حسب الظروف. وعليهِ، وعندما صاغَ «إعلان الاستقلال» الإسرائيلي عام 1948، أصرّ وساد بأغلبية خمسة مقابل أربعة أعضاء في اللجنة المُعدّة  للإعلان، بأن يُحذف منه أية إشارة إلى حدود الدولة[18]، وهو ما يترك إمكانية التوسّع المستقبلي مفتوحة دون الاضطرار لمواجهة القوى الأجنبية الكبرى والرأي الدولي.

وبالفعل نجحت تكتيكاتهِ: عندما استولت إسرائيل عام 1948 على أراضٍ أكثر مما أعطتها الأمم المتحدة، وافقت القوى الدولية على التوسّع بوصفهِ إحدى مُخرجات الحرب، وهو أمر لم يكن ليكون بهذه السهولة لو أن إسرائيل كانت قد أعلنت بصراحة عن نواياها وخططها التوسعية قبلًا.

يلاحظ سيغف أن بن غوريون قد وضع أذنيه على الأرض واستمع بعناية وتابع عن كثب علاقات القوى الدولية وخاصة تلك التي تشمل واشنطن. انتهى به الأمر بدفع ثمن باهظ في تلك الأحداث التي تجاهل فيها خطأ أو قلل فيها من الضغوط القادمة من تلك القوى، كما حدث في عام 1956، عندما أجبرت إدارة أيزنهاور[19] إسرائيل وكبار شركائها إنجلترا وفرنسا على الانسحاب من مغامرتهم العسكرية ضد مصر لمعاقبة جمال عبد الناصر لتأميمهِ قناة السويس.

تشرح براغماتيته الكثير من ادعاءاته الزائفة التي يظهرها عند سؤالهِ عن قضايا سياسية دقيقة يمكن أن تكلفه الدعم الدولي للصهيونية. في عشاء له مع قاضي المحكمة العليا فيليكس فرانكفورتر[20] والدبلوماسي الأمريكي وليام بوليت[21]، رد بتواضع على اقتراح الدبلوماسي لعام 1942 بطرد جميع العرب من فلسطين من أجل إقامة دولة يهودية بأنه ليست هناك حاجة لطرد العرب، لأن فلسطين قادرة اقتصادياً على دعم العرب واليهود.

وعلى الرغم من أن سيغف لا يعلق على هذه النقطة، إلا أن بن غوريون كان يعرف أن الموافقة على طرد العرب من فلسطين علنيًا عام 1942 ستؤدي بهِ إلى أزمة سياسية وأزمة علاقات عامة. هذا الخطاب الحذر والدبلوماسيّ وحتى الأخلاقي كان ما ميز التصريحات الصهيونية السائدة للاستهلاك الأجنبي، خاصة قبل قيام إسرائيل وخلال السنوات الأولى من وجودها.

أعتقد أن هذه البراغماتية هي ما حفزت رد بن غوريون في عام 1931 على مجموعة صغيرة من المهنيين والمثقفين المعروفين في حزب بريت شالوم[22] والذين كانوا يدافعون عن دولة ثنائية القومية وينتقدون سياسات بن غوريون الهادِفة إلى إنشاء دولة أغلبية يهودية: «بحسب وجهة نظري الأخلاقية، ليس لدينا الحق في التمييز ضد حتى طفل عربي واحد، حتى لو كان هذا سيمنعنا من تحقيق كل ما نريد»، حيث يؤكد من كلامه بوجود قلق مفترض لديهِ على الفلسطينيين.

الآفاق الإثنية والعرقية لصهيونية بن غوريون الأوروبية

عند قراءة الصهيونية في السياق الأوروبي الذي يعامل الفلسطينيين والعرب على أنهم غرباء اجتماعيًا وثقافيًا، نجد أن الصهيونية لم تتوقف عند عدم مناقشة الأمر، بل تمادت في إنكار وجودهم معرفيًا وفعليًا بالحديث عن فلسطين بصفتها أرض بلا شعب، تماشيًا مع شعار الصهيوني يسرائيل زانغويل[23] في عام 1901 «فلسطين أرض بلا شعب، واليهود شعب بلا أرض»، وهذا مثال واحد من بين أمثلة عديدة طرحها عالم النفس الاجتماعي ليون فستنغر[24] تحت ما يسمى بـ «التنافر المعرفي» أو cognitive dissonance (محاولة البحث عن الاتساق الداخلي عبر نفي أو تشويه واقعٍ قد يؤدي إلى التنافر المعرفي أو الإدراكي).

كانت دولة إسرائيل، ووفقًا لثيودور هرتزل (مؤسس الصهيونية)، بعيدة  كل البعد عن محاولة الاندماج في العالم العربي، بل إنها وجدت لتكون «متراسًا لأوروبا ضد آسيا، وبؤرة حضارية في قلب البربرية». يصف سيغف بن غوريون بأنه كان مقتنعًا تمامًا باستشراقية هرتزل المشحونة عنصريًا. عززت ثورة عام 1929 العربية، التي أسفرت وفقًا للأرقام الرسمية عن مقتل 130 يهوديًا و100 عربيًا وإصابة أكثر من 200 عربي و300 يهودي، ميوله الاستشراقية دافعة إياه للتصريح بأن العرب كانوا «بدائيين» وأن اليهود يواجهون «تفشي أسوأ الغرائز الغوغائية المتوحشة: التطرف الديني الملتهب والرغبة الحارقة بالسرقة والنهب والتعطش للدماء». وحذر بن غوريون من أن العربي «ابن الصحراء» ينظر إلى اليهودي من «كوخه» ويحدّق في حظيرتهِ ويراها وكأنها قصر ملكي».

نَظَر بن غوريون إلى اليهود الشرقيين عبر نفس العدسات الاستشراقية أوروبية المركز. ردة فعله على أعمال الفوضى في عام 1959 التي قام بها يهود إسرائيل الواصلين حديثًا من دول عربية، لم تختلف عن ردة فعله في أيام الثورة العربية عام 1929. كتب في رسالة إلى رئيس لجنة التحقيق المُشكَّلة شُكِّلت للتحقيق في الأحداث: «إن المجرم أو اللص أو القواد أو القاتل الأشكنازي لن يكون قادرًا على كسب تعاطف مجتمع الأشكناز (إذا وُجدَ مثل هذا المجتمع أصلًا)، ولن تأتي مثل هذه الفكرة في رأسه. ولكن يمكن أن يحدث ذلك في مجتمع بدائي [مثل مجتمع اليهود المزراحيون[25] أو اليهود الشرقيين]». أعاد بن غوريون  بعد بضعة أيام مخاوفه بشكل خاص حول تزايد تأثير اليهود من العالم الإسلامي على المجتمع الإسرائيلي.

ومثلما يرى بن غوريون أن معاداة السامية جزءًا متأصلًا من الطبيعة البشرية، فقد دفعته وجهات نظره الاستشراقية للتعامل مع الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجموعات الإثنية والعرقية المُختلفة على أنها نابعة من «طبيعتها» بدلاً من كونها ناتجة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها تلك المجموعات تاريخيًا. لهذا السبب لم يعتبرهم بن غوريون محضَ أجانب أو غرباء أو غير متعلمين ومهاجرين من العالم العربي، وإنما كان يرى بأنهم يزيدون من الفقر ويؤثرون سلبًا على الناجين من المحرقة النازية والقادمين حديثًا إلى إسرائيل. يتحدث بن غوريون عن اليهود الشرقيين قائلًا إنهم كانوا يهودًا فقط «لأنهم ليسوا غير يهود».

كان لدى بن غوريون نهجًا داروينيًا اجتماعيًا تجاه اليهود الأوروبيين، إذ كانت أقلية منهم صهاينة خلال السنوات التي سبقت المحرقة. أوضح بن غوريون أنه إذا كان الأمر يتعلق باختيار ما بين عشرة آلاف يهودي سيكونون مفيدين لفلسطين أو «ولادة» إسرائيل مع مليون يهودي سيكون عبئًا، فيجب إنقاذ العشرة آلاف. يشير سيغف أن بن غوريون أجرى خطط الإنقاذ «كواقعي ذي أفق ضيق وضعيف الإيمان»، مضيفًا أن الزعيم الصهيوني رأى الأهمية الفظيعة للمذبحة النازية ليس من زاوية العدد الهائل من اليهود الذين ذبحوا، ولكن من زاوية أنه تم إبادة هذا الجزء المحدد من اليهود ‘الأوربيين’ الذين كانوا قادرين ومجهزين لبناء الدولة وحدهم.

من دولة مستوطنين إلى دولة اضطهاد/قمع

نجح بن غوريون في النهاية في تحقيق هدف حياته بإنشاء دولة صهيونية قائمة على استثناء وطرد الفلسطينيين العرب ونجاح الحركة الصهيونية العالمية تحت قيادته.

لا يمكننا أبدًا المُبالغة في مقدار الهيمنة السياسية  التي حققتها الصهيونية على يهود العالم في أعقاب المحرقة. انبثقت الصهيونية من المجال السياسي الذي كانت قد تنافست فيه مع الأيديولوجيات السياسية الأخرى في أوروبا اليهودية قبل الحرب العالمية الثانية، بشكل أساسي البونديين[26] والأحزاب الدينية، باعتبارها «الحل» السياسي الوحيد ضد معاداة السامية، ووصلت إلى ذروتها فِي حرب عام 1967 وبعد ذلك صارت الفكر المعبّر والسائد سياسيًا وثقافيًا لليهود في جميع أنحاء العالم.

لم تفكر الغالبية العظمى من اليهود بجدية في الهجرة إلى إسرائيل وخاصة يهود الولايات المتحدة . لكن التشاؤم المزمن ليهود أوروبا الشرقية، والذي عبّر عن نفسه في كثير من الأحيان من خلال فكرة «سياسة التأمين» الصهيونية (الفكرة: «وجود دولة إسرائيل مهم في حالة وجود مشاكل، إذ يكون لدينا مكان نذهب إليه») جعل الصهيونية تتلقى دعمًا كبيرًا من خارج الولايات المتحدة وكندا. دعم معظم اليسار الدولي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين الصهيونية ولم يلقوا أي اهتمام لمصير العرب الفلسطينيين.

كان البونديين وأصحاب ووجهات النظر الاشتراكية الأخرى وفي فترات معينة مثل أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي هم الاتجاه السياسي السائد للمجتمع اليهودي في بولندا، ولكنهم هزموا تمامًا بسبب المصير المأساوي لليهود الأوروبيين الشرقيين. شكّل هذا ضربة ساحقة للبونديين وبشكل عام للاشتراكية غير الصهيونية صاحبة موقف البقاء والقتال من أجل حقوق اليهود أينما عاشوا بدلاً من المغادرة. لقد فازت الإيديولوجية النازية وممارسات الإبادة الخاصة بها بتلك المعركة السياسية لصالح الصهيونية، والتي اتجهت نحو البونديين لاحقًا وغيرهم من الأمميين اليهود وقالت لهم «أخبرناكم أن هذا سيحصل». كان للهزائم السياسية عواقب وخيمة، خاصة على البونديين، فقد قضى النازيون عليهم وعلى قاعدتهم الاجتماعية، وبدرجة أقل على الأحزاب السياسية الدينية الأخرى.

في الواقع، نجحت الجالية اليهودية في فلسطين وبعد ذلك الدولة اليهودية التي أسستها الحركة الصهيونية المنتصرة بقيادة بن غوريون في إنشاء دولة إسرائيل. لقد كانت دولة يهودية مبنية على أساس اللغة العبرية الحديثة والتي وحدت اليهود القادمين من أجزاء مختلفة من العالم وعلى التواصل الاجتماعي الفعال والشامل لليهود الإسرائيليين في القيم الصهيونية وعلى المشاركة شبه العالمية للنساء والرجال اليهود في جيش الدفاع الإسرائيلي وعلى الشعور بالتفوق الوطني الناتج عن عدة اشتباكات منتصرة مع الأعداء الفلسطينيين والعرب. أثبتت هذه القوى أنها أقوى بكثير من القوى العديدة التي كان بإمكانها تفريق اليهود من أصول وثقافات وتاريخ مختلفة على نطاق واسع، بالإضافة إلى الاختلافات الطبقية والانقسامات العرقية والإثنية. كانت هذه دولة يهودية جديدة تمامًا. لم يشكل اليهود في جميع أنحاء العالم أمة/دولة قبلًا، باستثناء اليهود الناطقين باللغة اليديشية داخل «نطاق الاستيطان»[27] في الإمبراطورية القيصرية.

سَيرورة بناء دولة الاضطهاد/القمْع

تطور هذا الواقع والوعي القومي في سياق سيرورة تاريخية بدأت مع الموجات الثلاثة الأولى (وخاصة الثانية والثالثة) من المستوطنين المدفوعين أيديولوجيًا والذين على الرغم من قلة عددهم نسبيًا إلا أنهم أصبحوا قادة فكريين وسياسيين ليشوڤ[28] (الجالية اليهودية في فلسطين قبل قيام الدولة الإسرائيلية عام 1948)، وبعد ذلك لدولة إسرائيل في عملية نموها المتزايد من خلال تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين اليهود. فقط أقلية من المهاجرين يمكن اعتبارهم مستوطنين بالمعنى الصحيح للاستيطان لحظة وصولهم إلى فلسطين، إما من الناحية الإيديولوجية أو الاجتماعية. لكن الغالبية العظمى من هذه الكتلة من المهاجرين واللاجئين اليهود تبنت عاجلًا أو آجلًا الفكر السياسي للمستوطنين واتبعت قيادة المستوطنين المؤسسين.

من المهم إدراك أنه وعلى النقيض من موجات الهجرة الثلاثة الأولى (العَلِيَاه)، فقد وصل المهاجرين الجدد  إلى فلسطين (لاحقًا إسرائيل) لأنه لم يكن لديهم مكان آخر ليذهبوا إليه وليس بسبب الجذب الأيديولوجي الاستيطاني-الاستعماري والذي ميز الهجرات السابقة. صارت هذه القومية المبنية حديثًا بقمعها المنهجي للعرب الفلسطينيين، أمة اضطهاد وقمع وإلى حد كبير، مُتبعةٍ خُطى الولايات المتحدة في تعاملها مع السكان الأصليين والأفارقة الأميركان في أميركا ومع السكان المكسيكيين بعد عام 1848. الفرق الرئيسي تمثّل في أن الفلسطينيين المُضطهَدِين كانوا قادرين على التشكيك في شرعية الهيمنة الصهيونية أكثر من الأميركيين الأصليين والعبيد السود وأحفادهم المضطهدين والمكسيكيين المحتلين فيما يتعلق بالسيطرة الأنجلو-ساكسونية البيضاء في القارة الأميركية الشمالية.

كان من بين أهم أسباب هذا الاختلاف مع التجارب الأخرى: وجود الفلسطينيين داخل العالم العربي الواسع (إذ شكّل الأمر مصدر دعم شعبي واسع النطاق للفلسطينيين، بالإضافة إلى خيانة الطبقات الحاكمة العربية وقادة الحكومة) ونجاح القادة الفلسطينيون (نجاح محدود ولكن حقيقي) في استخدام الحرب الباردة لوضع قضيتهم في جدول أعمال العالم، وتأسيس إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة والغرب (وأيضًا الدعم السوفييتي في سنواته القليلة الأولى) في فترة ما بعد الحرب حيث كانت القوى الثورية المعارضة للهيمنة الغربية تتزايد بسرعة ويزيد معها تعاطفها مع القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا.

أدرك بن غوريون أنه وبحلول مطلع القرن العشرين، كانت أقلية فقط من اليهود في بولندا وأوروبا الشرقية تعتبر نفسها صهيونية. فقط أقلية صغيرة من يهود أوروبا الشرقية شكّلت فيما بعد أكبر عدد من السكان اليهود في العالم، هاجروا إلى فلسطين في أوائل عشرينيات القرن العشرين. يُشير زكاري لوكمان[29] في كتاب «رفاق وأعداء: العمال العرب واليهود في فلسطين 1906-1948»، أنه من حوالي 2.4 مليون يهودي غادروا روسيا القيصرية وأوروبا الشرقية بين عامي 1881 و1914، ذهب 85 بالمائة منهم إلى الولايات المتحدة و 12 بالمائة ذهبوا إلى دول أخرى في نصف الكرة الغربي (معظمهم إلى كندا والأرجنتين) وإلى أوروبا الغربية وجنوب إفريقيا. أقل من 3% منهم توجهوا إلى فلسطين ونسبة كبيرة من هؤلاء كانت فلسطين محطة مؤقتة لهم في طريقهم غربًا.

كانت الحركة الصهيونية حركة اجتماعية وسياسية ذات يمين ويسار ووسط متباين، وعلى الرغم من التوجه السياسي لها وهرميتها من أعلى إلى أسفل للقادة الصهاينة الرئيسيين مثل ثيودور هرتزل وذلك لإشراك القوى الإمبريالية الحاكمة في إبرام الصفقات لتحقيق الأهداف القومية، نظمت الحركة عدة موجات هجرة من اليهود إلى فلسطين تسمى «عليوت» (جمع «علياه»[30] بمعنى «يرتقي» بالعبرية لغويًا، واصطلاحيًا بمعنى «الحج» أو «الهجرة إلى إسرائيل»، وفقًا للتقاليد الدينية اليهودية التي تأمر اليهود بزيارة المعبد[31] في القدس ثلاث مرات في السنة). حصلت العلياه الأولى بين عامي 1881 و1903 وتألفت من حوالي 25,000 إلى 35,000 يهودي من أوروبا الشرقية واليمن.

وكما أشار الباحث غيرشون شافير[32] في كتابه «الأرض والعمل وأصل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني 1882-1914» والباحثان يوآف بيليد وهوريت هيرمان بيليد  في كتابهما «تديين المجتمع الإسرائيلي The Religionization of Israeli Society» كان الهدف من العلياه الأولى هو استيطان الأرض من خلال المزارع المملوكة للقطاع الخاص والمكتفية ذاتيا والتي استأجرت عمالًا زراعيين فلسطينيين ذوي خبرة وبرواتب منخفضة. لكن هذا النموذج فشل لأنه في ذلك الوقت لم يكن لدى الحركة الصهيونية الموارد المالية لشراء أراضٍ للمستوطنين الوافدين حديثًا، خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضي بسبب الطلب الصهيوني عليها، ولأن الأرض لدى الصهاينة كانت تُباع بيعًا قانونيًا لغير اليهود.

 أما العلياه الثانية فقد حصلت بين عاميّ 1904 و1914، إذ نظّم حوالي 35,000 يهودي من أوروبا الشرقية مجموعات كيبوتز[33] وموشاڤ[34] للعمل في الأرض. غادر العديد منهم الأرض لاحقًا وفقا لغيرشون شافير، وبقي حوالي 10,000 فقط من مهاجرين العلياه الثانية كعمال زراعيين. ومع ذلك، تركت هذه العلياه إرثًا تاريخيًا مهمًا من خلال توفير عناصر حل للصعوبات التي واجهت موجة العلياه الأولى والتي قامت على أساس فكرة المستوطنات التعاونية العاملة لحسابها الخاص على أراضٍ لا يمكن التصرف فيها والمملوكة وطنيًا والممولة من الموارد المالية العامة.

أدى هذا النهج الجديد أيضًا إلى «الاستيلاء على الأراضي» من الفلسطينيين واستبعادهم من الأراضي التي يملكها ويسيطر عليها اليهود. كما أرسى الأساس لـ «سيطرة العمالة اليهودية» حيث قُلّلت وخفضت أعداد العمالة الفلسطينية عندما لم يُستطع التخلص منهم تمامًا ومن مشاركتهم الاقتصادية، وهو وضع مشابه لمعاملة الأميركيين الأصليين في الولايات المتحدة. كانت عمليات «الاستيلاء» مصدرًا للعديد من الاحتكاكات والصراعات والأعمال العدائية التي تلت ذلك مع الفلسطينيين، وهي عملية مُفصّلة بالكامل في العمل السابق الذي استشهدت بهِ لزكاري لوكمان.

حصلت العلياه الثالثة بين عامي 1919 و1923 باستقرار حوالي 40,000 يهودي على الأرض باتباع النهج الجماعي للعلياه الثانية. حدث ذلك في وقت كانت فيه القيادة الصهيونية وبتشجيع من وعد بلفور من المملكة المتحدة عام 1917، أكثر التزامًا بشراء الأراضي والنشاط الاستيطاني في فلسطين، الأمر الذي جعل من الممكن للأغلبية الساحقة من المشاركين في المجموعة الثالثة البقاء في المستعمرات الزراعية وفي فلسطين.

تناسب هذه «العليوت» الثلاثة الأولى النموذج الكلاسيكي للمستعمرات الاستيطانية، مع صعوبات عديدة مستمدة في الغالب من الخلفية الحضرية للمهاجرين ومستوى المعيشة الأعلى الذي عاشوه في بلدانهم الأصلية مقارنة بالسكان الفلسطينيين المحليين في المناطق الريفية السائدة. جاء القادة الرئيسيين ليشوڤ وفيما بعد لدولة إسرائيل من العلياه الثانية والثالثة، مثل بن غوريون (العلياه الثانية) وغولدا مائير (العلياه الثالثة). لقد شكلت العليوت المؤسسات الرئيسية للقومية الناشئة.

كانت «العليوت» الثلاثة الأولى أيديولوجية: نتيجة اختيار واعٍ لـ «حل المشكلة اليهودية» من معاداة السامية في أوروبا من خلال الهجرة والاستيطان في فلسطين، في وقتٍ كانت هناك بدائل أخرى، مثل الهجرة إلى الولايات المتحدة، إذ كان ذلك ممكنًا حتى تشريعات عاميّ 1921 و1924 والتي قيدت الهجرة بشدة من أوروبا الشرقية، أو البقاء ومحاربة معاداة السامية في أوروبا نفسها من خلال الانضمام إلى الأحزاب/المنظمات الاشتراكية مثل حزب البونديين اليهوديّ. تضمن خيار الاستقرار في فلسطين الصهاينة الذين اعتبروا أنفسهم اشتراكيين ولكنهم وعلى النقيض من البونديين، قرروا عدم خوض النضال من أجل مجتمع اشتراكي في أوروبا يمنح اليهود حقوقًا مدنية وسياسية كاملة واستقلال ثقافي وسياسي في سياق طبقة عاملة مُتحررة سواء يهودية أو غير يهودية.

كان وضع ما يسمى بالـ «عليوت» مختلفًا. لسبب واحد؛ معظم تلك الهجرات اللاحقة لم تشمل غالبية من المستوطنين من حَملة الأيديولوجية. بحلول الوقت الذي حدثت فيه العليوت، تقلصت بدائل الهجرة بشكل كبير واختفت في نهاية المطاف، لدرجة نقل عدد كبير جدًا من الناجين اليهود من الحرب العالمية الثانية في أوروبا إلى مخيمات للنازحين[35] بعد عام 1945، إذ لم ترغب أية دولة بالسماح لهم بدخول حدودها.

نُظمت الهجرة إلى الولايات المتحدة من عام 1924 إلى عام 1965 من خلال نظام الحصص والذي حد بشكل كبير من عدد المهاجرين من أوروبا الشرقية. هاجر يهود أوروبا الشرقية إلى العديد من البلدان المختلفة خارج الولايات المتحدة. إذن، فليس من المستغرب أن يهاجر عدد كبير منهم، حوالي 50,000، إلى فلسطين بين عاميّ 1924 و1925، مُشكلين بذلك موجة العلياه الرابعة، وكانوا مجموعة من المهاجرين غير المؤدلجين ولم يكونوا مستوطنين استعماريين صهاينة. أما العُلياه الخامسة بين عامي 1929 و1939 فقد كانت تختلف عن الثلاثة الأولى لأنها حدثت في سياق وصول النازية إلى السلطة والإغلاق المستمر للولايات المتحدة في وجه هجرة يهود أوروبا الشرقية (أو أي عرقية أخرى وقتها).

لقد كانت هجرة اليهود إلى فلسطين في تلك الفترة هربًا إجباريًا ولم تكن خيارًا أيديولوجيًا أو سياسيًا، إذ وصل 35,000 لاجئًا يهوديًا إلى فلسطين عام 1933 (حوالي ثلاثة أضعاف العدد من العام السابق)، ووصل أكثر من 45,000 في عام 1934 وأكثر من 65,000 في عام 1935، وفقًا لسيغف في كتابهِ. تجاوزت أرقام المهاجرين إلى فلسطين خلال تلك السنوات الثلاث فقط الأعداد الكُلية لموجات العليوت الأيديولوجية الثلاثة.

كان بن غوريون براغماتيًا للغاية ووصل إلى درجة الانتهازية في حالة رغبة اليهود الألمان بمغادرة ألمانيا النازية. توصلت قيادة يشوڤ إلى اتفاقية هعڤراه[36] مع الحكومة النازية في أغسطس 1933، حيث سُمح لليهود بالهجرة من ألمانيا إلى فلسطين. أفادت هذه الاتفاقية ألمانيا ماديًا لأنها سهَّلت الاستيلاء على الممتلكات التجارية والسكنية اليهودية تسهيلًا كبيرًا، وهذا على الرغم من السماح للمهاجرين اليهود الألمان بأخذ بعض من ممتلكاتهم معهم. عارض عدد كبير من اليهود هذه الحركة، وكانت معارضتهم مُبررة، بما في ذلك الصهاينة اليمينيين بقيادة زئيف جابوتنسكي، باعتباره انتهاكًا للمقاطعة الدولية لألمانيا. وعلى الرغم من كل الاعتراضات، هاجر حوالي 60,000 يهودي ألماني إلى فلسطين بين عامي 1933 و1939.

كان العامل الأكثر أهمية هو هجرة اللاجئين اليهود الناجين من الهجوم النازي إلى فلسطين، إما من مئات الآلاف من اليهود البولنديين الذين نجوا من المحرقة (معظمهم في الاتحاد السوفييتي والأراضي التي يسيطر عليها السوفييت) أو أولئك الذين وصلوا إلى مخيمات النازحين.  لم يكن متخيلًا بالنسبة لهؤلاء الناجين التفكير في العودة إلى بولندا، سيما بسبب موجة معاداة السامية والمذابح التي كانت تحدث هناك، سواء خلال الحرب كما في حالة بلدة يدفابنيه[37] Jedbwane في عام 1941 أو بعد الحرب كما حصل في كراكوڤ[38] في 11 أغسطس 1945، وجيشوف[39] وخاصة كيلسي[40] في عام 1946. لم يكن هناك مكان آخر يريد استقبالهم، لذا كان خيار الوصول إلى فلسطين (أو إسرائيل بعد عام 1948) قد خفف من مأساتهم.

ولكن القادة الصهاينة كانوا يعرفون حق المعرفة واستنادًا إلى تقارير كانوا قد تلقوها من عملائهم الذين يروجون وينظمون هجرة اللاجئين اليهود إلى إسرائيل في مخيمات النازحين أن الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين كانوا ليفضلوا الهجرة إلى الدول الرأسمالية المتقدمة وخاصة الولايات المتحدة لو سمحت لهم الحكومة الأميركية والحكومات الغربية بذلك. (توجّه حسب سيغيف، منذ صيف عام 1945 وحتى خروج البريطانيين من فلسطين عام 1948، أكثر من 70,000 من هؤلاء اللاجئين اليهود إلى فلسطين عبر 65 معبرًا، على الرغم من أن عدد الذين وصلوا بالفعل إلى فلسطين غير معروف لأن معظمهم اُعترِضوا وأُرسلوا إلى قبرص، ولكن خلال عام 1948 وصل أكثر من 120,000 مهاجر يهودي إلى فلسطين.

شكلت وجهة نظر بن غوريون السلبية عن هؤلاء المهاجرين واللاجئين الجدد مفارقة كبيرة، لأنه اعتمد عليهم في نجاح مشروعه القومي الصهيوني. بدونهم وبدون المحرقة التي نجوا منها لما كانت دولة إسرائيل لتقوم. بدونهم، كان وعد بلفور البريطاني لعام 1917 والذي وعد بإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي، ليبقى وثيقة غير مجدية صدرت عن قوة عالمية متدهورة بالفعل[41]. كانت بريطانيا العظمى مستعدة جدًا للتراجع عن وعود إعلان بلفور، كما حصل في كتابها الأبيض لعام 1939 والذي حد بشدة من الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

عند الحديث عن الهجرة الجماعية لليهود من الدول العربية مثل المغرب واليمن في الخمسينات، فقد  حصل الجزء الأكبر منها بعد قيام دولة إسرائيل وتعزيز وجودها. كان لهذه الهجرة علاقة بقوى وعوامل «الجذب» التي نظمتها الدولة الإسرائيلية أكثر من عوامل «الدفع»[42] في العالم العربي، مثل العداء ضد لليهود والذي أثارته تقريبًا ردود الفعل القومية العربية على النكبة الفلسطينية.

خِتامًا، من المهم ملاحظة أن المكوّن الاستعماري الاستيطاني للقومية الإسرائيلية قد عُزِّز من خلال النوع الجديد من الأيديولوجية والممارسات اليهودية والتي نشأت بعد الانتصار الإسرائيلي في حرب عام 1967 والتوسع الإقليمي اللاحق، خاصة في الضفة الغربية. ولكن القومية الإسرائيلية تبلورت عند نشأتها متتبعة مسارًا لا يختلف كثيرًا عن مسار الولايات المتحدة والتي بدأت بالاستعمار الاستيطاني البيوريتاني[43] ثم تطورت لاحقًا إلى دولة قومية تتبع سياسة عنصرية لطرد الأمريكيين الأصليين.

الصهيونية ضدًا للديموقراطية

من الواضح أن التوسع المستمر في الضفة الغربية  وتوطيد الحكم الإسرائيلي فيها بوصفها دولة مُضطهِدة جعل «حل الدولتين» حل غير قابل للتطبيق. سيتعين إقامة الدولة الفلسطينية المفترضة على أجزاء صغيرة متقطعة من الضفة الغربية، بصرف النظر عن حقيقة أن هذه «الدولة» الفلسطينية لن يكون مقدّرًا لها أن تكون ذات سيادة فعلية، ولن يكون لديها قوات مسلحة خاصة بها وسوف تكون تحت إشراف إسرائيلي. أخيرًا وليس آخرًا، لن يعترف أي اتفاق مع إسرائيل في الوقت الحاضر لإقامة دولة فلسطينية بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ما هو معروف الآن باسم «إسرائيل» إذا اختاروا ذلك (اللاجئون الفلسطينيون).

لقد زادت السيطرة العسكرية الحالية على الضفة الغربية وقطاع غزة التناقض المُستمر بين الديمقراطية والصهيونية، وهذا بسبب جهود المؤسسة الصهيونية في الحفاظ على التعريف العرقي والديني لإسرائيل وبالتالي الحد من عدد العرب، وهي رغبة صرّح بها جليًا ديڤيد بن غوريون. في ضوء الغياب العملي لحل الدولتين على يد إسرائيل، لا يمكن لدولة الظلم والاضطهاد الصهيونية (بحكم تعريفها) أن تقبل البديل المرغوب الوحيد المتبقي: دولة واحدة علمانية وديموقراطية وثنائية القومية تضم إسرائيل الخط الأخضر والضفة الغربية وغزة مع المساواة الكاملة بين العرب الفلسطينيين واليهود. لا يمكن لدولة مثل دولة إسرائيل أن تكون ديمقراطية ويهودية، خاصة عندما يكون العرب الفلسطينيون أو سيصبحون قريبا الأغلبية داخل تلك الأرض.

سيتوجّب على هذه الدولة ثنائية القومية المساواة بين جميع الثقافات الوطنية الموجودة، وبما أنها ستكون دولة علمانية، فستعترف أيضًا بالمساواة بين جميع الأديان. سيكون للدولة الديمقراطية ثنائية القومية سياسة هجرة غير تمييزية، نأمل أن تُعطى الأفضلية فيها لضحايا الاضطهاد، سواء كانوا عربًا أو يهودًا.

وعلى الرغم من أن مثل هذه الدولة الديمقراطية ثنائية القومية والعلمانية ستشكل تقدمًا كبيرًا ومختلفًا عن الوضع الحالي، إلا أنها ستعاني من مشاكل عَسيرة مثل الاختلافات الرئيسية في التنمية الاقتصادية ومستويات المعيشة بين العرب واليهود إذ ستواجه الكثير من الصعوبات في القضاء عليها حتى مع أكثر برامج التعويض والإصلاحات سخاءً على المدى القصير -على الأقل. بطبيعة الحال، أي تطور اشتراكي في تلك الدولة المتخيلة سيخفف من حدة هذه الصعوبات تخفيفًا كبيرًا.

تثير ترجمة سيغف لديڤيد بن غوريون أفكارًا حاسمة حول مصير الصهيونية. لقد نجحت الحركة التي وعدت بحل «المسألة اليهودية» في خلق أسبرطة[44] حديثة تتزايد فيها حالة اللاديموقراطية وهي في تحالف وثيق مع أعتى قوة إمبريالية. وبعيدًا عن كل شيء، فإننا نشهد نموًا مقلقًا لمعاداة السامية في أوروبا والولايات المتحدة مرة أخرى، ولم تفعل إسرائيل أي شيء لمكافحتهِ بشكل فعال، بل نراها تعزز من معاداة السامية، فهي تعبر وبكل صراحة عن تعاطفها مع فيكتور أوربان، الزعيم المعادي للسامية في حكومة المجر. لا يمكنك بناء نظامٍ ديمقراطي مستنير لكل الناس تحت الحكم الإسرائيلي القائم على أساس قمع القومية فلسطينية التي أُجْبِرَت على دفع ثمن محرقة اليهود. محرقة لا يتحملون فيها أية مسؤولية أو  انخراط لا من قريب ولا من بعيد.


مُلاحظة: هذه المقالة مراجعة لكتاب توم سيغف «دولة بأي ثمن: حياة ديڤيد بن غوريون» من ترجمة حاييم واتزمان. نُشر الكتابة باللغة العبرية عام 2018، ونشرت الترجمة الإنجليزية عام 2019 ولا توجد أي ترجمة عربية للكتاب حتى الآن.

مُلاحظة: نُشرت الترجمة لهذه المقالة لأول مرة على موقع مجلة رُمَّان الثقافية في جزئين.


[1] صحفي ومؤرخ إسرائيلي وأحد أعضاء جماعة المؤرخين الجدد في إسرائيل المكونة من مؤرخين إسرائيليين أصحاب توجه يساري والمعنية بمراجعة تاريخ دولة إسرائيل والحركة الصهيونية.

[2] صحفي نمساوي-مجري وكاتب مسرحي وناشط سياسي وكاتب. كان والد الصهيونية السياسية الحديثة. شكل هرتزل المنظمة الصهيونية وشجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين في محاولة لتشكيل دولة يهودية. على الرغم من أنه توفي قبل إنشائها، إلا أنه معروف بأب دولة إسرائيل.

[3]  حزب ماپاي  (מפא”י) أو حزب عمال أرض إسرائيل هو حزب يساري اشتراكي إسرائيلي سابق تأسس في ثلاثينات القرن الماضي بقيادة ديڤيد بنغوريون. كان هذا الحزب هو القوة المسيطرة في السياسة الإسرائيلية حتى اندماجه في حزب المعراخ (يسمى أيضاً معراخ هاعاڤودا) أواسط ستينات القرن العشرين. حزب ماپاي هو السلف الأساسي لحزب العمل الإسرائيلي الحالي.

[4]  هستدروت (بالعبرية: ההסתדרות הכללית של העובדים בארץ ישראל)، وهو اختصار لـ «الاتحاد العام للعمل اليهود»، تأسس لأول مرة كنقابة للعمال اليهود في عهد الانتداب، وصار بعد قيام دولة الاحتلال «الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية.

[5] مؤرخ وكاتب إسرائيلي وأحد كبار الخبراء في العالم في الفاشية ويرأس قسم العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، ويكتب لصحيفة هآرتز.

[6] حزب سياسي يهودي علماني اشتراكي نشأ في روسيا القيصرية في سنة 1897 وقد تواجدت فروع له أيضاً في ليتوانيا وبولندا وقد دعم الحزب بقاء اليهود في أوروبا وعدم الهجرة إلى إسرائيل، ويُعرف أعضاء هذا الحزب بالبونديين (نسبة لاسم الجبهة الإنجليزي Bund).

[7] زئيف جابوتنسكي: قيادي في الحركة الصهيونية ولد في أوكرانيا في 17 أكتوبر 1880. أسس حزب الصهيونية التصحيحية سنة 1925 أحد أهم أحزاب اليمين الصهيوني المطالب بإنشاء دولة يهودية تمتد ما بين النهرين. أثار هذا غضب حكومة الانتداب البريطانية التي قامت منعه من دخول فلسطين إلى اجل غير مسمى عام 1930.

[8] سياسي إسرائيلي ومؤسس حزب الليكود وسادس رؤساء وزراء إسرائيل. قبل قيام دولة إسرائيل كان قائد المنظمة العسكرية القومية إرجون. ولد في روسيا البيضاء ودرس فيها حتى أنهى المرحلة الثانوية ومن ثمة سافر إلى بولندا في عام 1938 حيث جامعة وارسو لدراسة القانون. ويُعرف بيغن بالعمل الصهيوني من خلال منظمة «بيتار» اليهودية البولندية التي ترأسها في عام 1939.

[9] ثاني رئيس وزراء لإسرائيل وخدم من الفترة 1953 إلى 1955 وكانت تلك الفترة تفصل بين فترتي رئاسة ديڤيد بن غوريون لرئاسة الوزراء. وُلد شاريت في جمهورية أوكرانيا (جمهورية من جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق) وهاجر إلى فلسطين في سنة 1909 وتعدّ عائلة شاريت من المؤسسين لمدينة «تل أبيب» الإسرائيلية. كان يتكلّم العربية بطلاقة وعمل على التفاوض بين الصهاينة وحكومة الانتداب البريطاني وتمخّضت تلك المفاوضات عن ولادة دولة إسرائيل في عام 1948.

[10] تأسست منظمة الهاغاناه الصهيونية (بالعبرية הגנה أي الدّفاع) في العام 1921 في مدينة القدس وهي تكتّل عسكري في الانتداب البريطاني على فلسطين في الفترة السّابقة لإعلان دولة إسرائيل. كان الهدف المعلن من تأسيسها الدفاع عن أرواح وممتلكات المستوطنات اليهودية في فلسطين خارج نطاق الانتداب البريطاني. وبلغت المنظمة درجةً من التنظيم مما أهّلها لتكون حجر الأساس لجيش إسرائيل الحالي.

[11]  حسب قرار التقسيم 181 لعام 1947، تعد اللد أرض فلسطينية، لكن إسرائيل احتلتها في حرب عام 1948.

[12] إقرث أوأقرت: قرية فلسطينية مسيحية مهجّرة، تواجدت القرية على تل شديد الانحدار، على ارتفاع 550م عن سطح البحر، تبعد بضعة كيلومترات عن الحدود اللبنانية. ان من المقرر أن تكون جزءاً من الدولة العربية في التقسيم الذي اعتمدته الأمم المتحدة سنة 1947، إلا أن الإسرائيليين استولوا عليها خلال حرب 1948، وقد لجأ سكانها جميعًا إلى لبنان وإلى القرى الفلسطينية المجاورة بعد أن طردتهم العصابات الصهيونية بين عامي 1948 و1951.

[13] سياسي إسرائيلي ووزير وأحد الموقعين على وثيقة إعلان استقلال إسرائيل.

[14] رابع رئيس وزراء للحكومة الإسرائيلية بين 17 مارس 1969 حتى 1974.

[15] كان أحد المؤسسين الفكريين للصهيونية الاشتراكية، وكان له دور أساسي في إقامة دولة إسرائيل الحديثة، وكان رئيس تحرير صحيفة داڤار، الصحيفة اليومية الأولى للحركة العمالية (صحيفة عمال أرض إسرائيل)، وكانت تتبع الصحيفة للهستدروت.

[16]  قائد صهيوني ورئيس الصندوق القومي اليهودي.

[17] فيلسوف نمساوي، اشتهر بـ «فلسفة الحوار»، وهي صورة من صور الوجودية، تدور حول التفريق بين علاقة «أنا وأنت» وعلاقة «أنا والشيء». وُلد في فيينا، في أسرة ملتزمة باليهودية، لكنه خرج عن العرف اليهودي ليتابع الدراسات الفلسفية العلمانية. في 1902 صار محررًا في صحيفة «دي ڤِلت» الأسبوعية، التي هي أساس الحركة الصهيونية، لكنه انسحب لاحقًا من العمل الصهيوني التنظيمي.

[18] حتى هذه اللحظة، حدود الدولة غير مُحددة في الدستور الإسرائيلي.

[19] سياسي وجنرال أمريكي شغل منصب الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة من عام 1953 حتى 1961. كان قائدا عاماً في جيش الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، وقائدا أعلى لقوات الحلفاء في أوروبا.

[20]  محامٍ وقاضٍ أميركي وُليد في النمسا. عمل فرانكفورتر مع وزير الحرب هنري ل. ستيمسون خلال الحرب العالمية الأولى، وعمل في منصب المحامي العام. بعد الحرب، ساعد في تأسيس الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية وعاد إلى منصبه كأستاذ بكلية الحقوق بجامعة هارفارد وأصبح صديقا ومستشارا للرئيس فرانكلين دي روزفلت.

[21]  دبلوماسي وصحفي وروائي أميركي، عُرف بمهمته الخاصة للتفاوض مع لينين لصالح مؤتمر باريس للسلام.

[22]  حزب تحالف السلام ويتألف من شخصيات يهودية عالمية ومثقفين في فلسطين الانتدابية. تأسس الحزب عام 1925، ولم تصل عضوياته إلى 100 شخص، ولكنه كان مؤثرًا جدًا في أوساط اليهود الأميركان والأوربيون كثقل موازن للصهيونية القومية.

[23] كاتب كوميدي إنجليزي. وُلد في لندن لعائلة من المهاجرين اليهود من شرق أوروبا. فأبوه موسى زانغويل جاء من الإمبراطورية الروسية لاتفيا وأمه إلين حنا ماركس زانغويل من بولندا. كرس قلمه لخدمة الحركة الصهيونية. أخوه لويس زانغويل روائي وابنه أوليفر زانغويل طبيب نفسي.

[24] عالم نفس اجتماعي، وهو صاحب نظرية التنافر المعرفي، ونظرية المقارنة الاجتماعية، واكتشاف أهمية التقارب في تكوين العلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى إسهامات أخرى قدمها في دراسة الشبكات الاجتماعية.

[25] اليهود المزراحيون أو مزراحيم (بالعبريّة: מִזְרָחִים) مصطلح عبري لليهود الشرقيين وتعني باللغة العبرية مشرقي، وتطلق هذه الكلمة على اليهود القادمين أو المتحدرين من سلالة يهود الشرق الأوسط وبعض البلدان الإسلامية من العصور التوراتية إلى العصر الحديث. يتضمن هذا المصطلح أيضاً يهود إيران، ويهود الجبال (القفقاس)، ويهود الهند، ويهود كردستان، ويهود جورجيا، ويهود بخارى (آسيا الوسطى) إضافة إلى يهود اليمن ويهود العراق ويهود إثيوبيا ويهود السودان ويهود سوريا ويهود الجزيرة العربية.

[26] حزب سياسي يهودي علماني اشتراكي نشأ في روسيا القيصرية في سنة 1897 وقد تواجدت فروع له أيضاً في ليتوانيا وبولندا وقد دعم الحزب بقاء اليهود في أوروبا وعدم الهجرة إلى إسرائيل، وينادى أعضاء هذا الحزب بالبونديين (نسبة لاسم الجبهة الإنجليزي Bund).

[27] نطاق الاستيطان (بالروسية: Черта́ осе́длости، شيرتا أسيدلوستي، باليديشية: דער תּחום-המושבֿ، در تخوم ها مويشف، بالعبرية: תְּחוּם הַמּוֹשָב، ثوم هاموشاف) منطقة في غرب الإمبراطورية الروسية تغيرت حدودها عبر الزمن، وُجدت بين 1791 إلى 1917، سُمح لليهود بالإقامة الدائمة فيها ومُنعت إقامتهم الدائمة أو المؤقتة خارجها غالبًا. وكان معظم اليهود ممنوعين من الإقامة في عدة مدن داخلها أيضًا. سُمح لعدد محدود من اليهود بالعيش خارجها.

[28] يشوڤ (بالعبرية ישוב يشوڤ أو يشوڤ وتعني استيطان) مصطلح استخدم ابتداءً في ثمانينات القرن التاسع عشر ليدل على المجتمع اليهودي في فلسطين. يشير مصطلح اليشوڤ إلى هيئة السكان اليهود في فلسطين قبل قيام الكيان الإسرائيلي.

[29] أستاذ التاريخ الحديث للشرق الاوسط بجامعة نيويورك 

[30]  بالعبرية  עליה.

[31] معبد القدس أو المعبد المقدس هو عدة أبنية في جبل المعبد في مدينة القدس القديمة. بني في السابق معبدان في الموقع. حسب العقيدة اليهودية المعبد أو جبل المعبد هو كرسي الله على الأرض.

[32] أستاذ بقسم علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا في سان دييجو والمدير المؤسس لبرنامج حقوق الإنسان فيها.

[33] كيبوتز أو (مستوطنة زراعة وعسكرية) (بالعبرية קיבוץ وتعني: تجمّـُع وجمعها بالعبرية קיבוצים “كيبوتزيم”، أو بالعربية “كيبوتزات”) هو تجمع سكني تعاوني تضم جماعة من المزارعين أو العمال اليهود الذين يعيشـون ويعملون سـوياً

[34] موشاڤ (بالعبرية: מוֹשָׁב)، مصطلح عبري يشير إلى قرية زراعية تُكَوِنُ فيه الأسر وحدات اقتصادية تدير قطعة الأرض بشكل خاص بها، وتعود ملكية أراضي الموشاڤ للصندوق القومي اليهودي. وقد أقيم أول موشاف عمالي عام 1921 في شمال مرج ابن عامر.

[35] مخيمات في ألمانيا وإيطاليا والنمسا، كانت مخصصة للاجئين من أوروبا الشرقية ومعسكرات التعذيب النازية، وهي مخيمات مؤقتة. بعد الحرب العالمية الثانية، سكن حوالي 850,000 شخص في هذه المخيمات في جميع أنحاء أوروبا من جنسيات وعرقيات مختلفة مثل الأرمنيين والبولنديين ولاتفيين وليتوانيين وإستونيين ويوغسلافيين ويهود ويونان وروس وأوكرانيين وهنغاريين وتشيكوسلوفاكيين.

[36] اتفاقية هعڤراه (بالعبرية הסכם העברה) (بالانجليزية: Haavara Agreement)هي اتفاقية أبرمت بين الوكالة اليهودية الصهيونية وألمانيا النازية بتاريخ 25 أغسطس عام 1933. وُضعت بنود الاتفاقية للمساعدة في تسهيل تهجير اليهود إلى فلسطين العربية، بشرط أن يتنازل اليهود عن ممتلكاتهم لدولة ألمانيا. هُجِّر أكثر من 60,000 يهودي بناءً على هذه الاتفاقية وصدّرت ممتلكاتهم إلى فلسطين على أنها بضائع ألمانية مما ساعد الاقتصاد الألماني. أُسِّسَت شركة تحت اسم «شركة هعفراه المحدودة» نتيجةً لهذه الاتفاقية وقد أشرفت هذه الشركة على عمليات التهجير.

[37] بلدة في شمال بولندا، وأيضًا اسم لبرنامج (برنامج يدفابنيه)، وهي مذبحة وقعت بحق اليهود في البلدة نفسها لحظة احتلالها من الألمان في العاشر من يوليو 1941 خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه المذبحة من المراحل الأولى للمحرقة.

[38] واحدة من أقدم وثاني أكبر المدن البولندية، تقع المدينة على نهر فيستلا في منطقة بولندا الصغرى، ويرجع تاريخ المدينة إلى القرن السابع الميلادي. طبعًا نفس الاسم يُطلق على برنامج كراكوڤ، حيث يشير إلى مجموعة من أعمال الشغب ضهد اليهود في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث اتهمت امرأة يهودية بخطف طفل بولندي، وتصعدت الأحداث والإشاعات إلى أن هاجم مجموعة من الناس كنيسًا يهودي في يوم سبت، وحسب السجلات الرسمية، مات شخص واحد، ولكن دراسات أخرى أشارت إلى احتمالية وجود خمسة قتلى.

[39] مدينة تقع في جنوب شرق بولندا، والمقصود هنا أعمال العنف ضد اليهود في هذه المدينة.

[40]  إشارة إلى أعمال العنف في مدينة كيلسي البولندية والتي أدت إلى مقتل 42 يهودي.

[41] هُناك أكثر من إعلاني بلفوري (إن صحت التسمية) على مر التاريخ إما من نابليون أو من روسيا أو أميركا وحتى من بريطانيا نفسها على مدار القرون القليلة السابقة للاستعمار.

[42] يتحدث الكاتب هنا عن عوامل الجذب والإغراء الإسرائيلية مقابل عوامل الدفع والطرد التي مُورست ضد اليهود في أعقاب نكبة 1948.

[43] التطهيرية أو البيوريتانية (بالإنجليزية: Puritanism أو Puritan): مذهب مسيحي بروتستانتي يجمع خليطًا من الأفكار الاجتماعية، السياسية، اللاهوتية، والأخلاقية. ظهر هذا المذهب في إنجلترا في عهد الملكة اليزابيث الأولى وازدهر في القرنين السادس والسابع عشر، ونادى بإلغاء اللباس والرتب الكهنوتية. غادر عدد كبير من أصحاب هذا المذهب من إنجلترا إلى نيوانغلاند خصوصًا بعد عام 1630 لبناء مستعمرة خليج ماساشوستس وبعض المستوطنات الأخرى.

[44] أسبرطة أو سبارتا:‏ مدينة يونانية كانت تعرف بأنها دولة مدينة في اليونان القديمة ظهرت على أنها كيان سياسي في القرن العاشر قبل الميلاد، ولكن عندما غزاها الدوريون خلال عام 650 قبل الميلاد، أصبحت النزعة العسكرية مهيمنة على السلطة فيها، أي أن العسكر صاروا هم من يحكمونها، وصارت دولة ذات أهداف توسعية دائمة، وصارت الحرب وسيلتها للكسب والردع، فضلًا عن تعظيم العمل العسكري في المجتمع الأسبرطي، حتى صار الجندي في أعلى درجات السلم الاجتماعي.

أضِف تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s